responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 335
[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 126]
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [سُورَة النَّحْل: 125] ، أَيْ إِنْ كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ الدَّعْوَةِ فَلْتَكُنْ دَعَوْتُكَ إِيَّاهُمْ كَمَا وَصَفْنَا، وَإِنْ كُنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ معاقبين لمشركين عَلَى مَا نَالَكُمْ مِنْ أَذَاهُمْ فَعَاقِبُوهُمْ بِالْعَدْلِ لَا بِتَجَاوُزِ حَدِّ مَا لَقِيتُمْ مِنْهُمْ.
فَهَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا أَتَمَّ اتِّصَالِ، وَحَسْبُكَ وُجُودُ الْعَاطِفِ فِيهَا. وَهَذَا تَدَرُّجٌ فِي رُتَبِ الْمُعَامَلَةِ مِنْ مُعَامَلَةِ الَّذين يدعونَ ويوعظون إِلَى مُعَامَلَةِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ ثُمَّ إِلَى مُعَامَلَةِ الَّذِينَ يُجَازَوْنَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ، وَبِذَلِكَ حَصَلَ حُسْنُ التَّرْتِيبِ فِي أُسْلُوبِ الْكَلَامِ.
وَهَذَا مُخْتَارُ النَحَّاسِ وَابْنِ عَطِيَّةَ وَفَخْرِ الدِّينِ، وَبِذَلِكَ يَتَرَجَّحُ كَوْنُ هَذِهِ الْآيَةِ مَكِّيَّةً مَعَ سَوَابِقِهَا ابْتِدَاءً مِنَ الْآيَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ التَّمْثِيلِ بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ لِلطَّبَرَانِيِّ. وَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الرُّوَاةِ تَذَكُّرُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَةَ حِينَ تَوَعَّدَ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يُمَثِّلَ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ إِنْ أَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ.
وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْمُعَاقَبَةُ: الْجَزَاءُ عَلَى فِعْلِ السُّوءِ بِمَا يَسُوءُ فَاعِلَ السُّوءِ.
فَقَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ مُشَاكَلَةٌ لِ عاقَبْتُمْ. اسْتَعْمَلَ عُوقِبْتُمْ فِي مَعْنَى عُومِلْتُمْ بِهِ، لِوُقُوعِهِ بَعْدَ فِعْلِ عاقَبْتُمْ، فَهُوَ اسْتِعَارَةُ وَجْهِ شَبَهِهَا هُوَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست